Add new comment

السيرة النبوية

المؤلف: موتلو بينيجي

المترجمة: عمران كلش

 

السيرة النوبية هي حياة نبينا محمد (صلى الله عليه و سلم) الذي يعرف ربَّه بشكل أجملَ وأصحّ، ومن ثَمَّ يُعرّفه للناس بشكل أجمل و أصحّ. السيرة النبوية هي قصة حياة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم الذي ربّاه اللهُ سبحانه و تعالى على خُلقٍ عظيمٍ، والذي نحبّه أكثر من أنفسنا، والذي نصل بحبّه إلى حبِّ خالقنا.

 

هو نبينا محمد (صلى الله عليه و سلم) الذي يحدثُنا عنه اللهُ سبحانه و تعالى في كتابه الكريم قائلا:

" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ ف۪ي رَسُولِ اللّٰهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللّٰهَ وَالْيَوْمَ الْاٰخِرَ وَذَكَرَ اللّٰهَ كَث۪يراًۜ  "

(سورة الأحزاب21)

هو بشرٌ من أنفسنا و ليس شخصاً خياليًّا يعيش في جبلٍ بعيدٍ خياليٍ. 

 

 كان (صلى الله عليه وسلم) صبيّاً يتيمًا لمْ يرَ والدَه في حياته ولو مرة، هو الذي دفن والدتَه في صحراءَ معزولةٍ وأجرى دموعه عند قبرها وهو في السادسة من عمره. الذين يعيشون محرومين من والديْهم يصوّرونه في أذهانهم يتيماً مباركاً.

 

 كان (صلى الله عليه وسلّم) راعياً غريباً يرعى الغنم في الجبال ليكسب رزقه، و كان تاجراً شابًّا ليس له إلا صدقُه و أمانته. أما صبرُه و صمودُه فتمثالان في قلوب الشجعاءِ الذين يكافحون صعوبات الحياة فيبذلون كل جهدهم من أجل كسب أرزاقهم.

 

نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) هو صاحب الأخلاق الفاضلة الذي يحمي بها نفسَه من السيئات و القبائح. هو الذي يصمد كي يبقى نقيًّا في وسط المستنقع. هو الذي جعله الله ملجأً و سنداً للمؤمنين الذين يُنفقون شبابَهم في سبيل الله، وللذين يتحدّون الانحطاط الأخلاقي في زمنهم بأخلاقهم الفاضلة.

 

أحسن اللهُ سبحانه و تعالى لنبيّه إذ أرسل له أغنى و أطيب امرأةٍ في قريش كما أنه أحسن له من قبلُ إذ وجده ضالًّا فهداه. كان النبي (صلى الله عليه و سلم) لا يفكر في الزواج لأنه لا يملك مالاً يدفعه ولكنه تزوج بفضل الله سبحانه و تعالى من أمِّنا خديجة (رضي الله عنها) التي طلب يدَها أكثرُ رجال البلد ولكنها رفضتْ طلبهم فأصبحتْ زوجةً لنبينا محمد(صلى الله عليه و سلم) . ذلك بأن اللهُ سبحانه و تعالى لا يخذل عباده الذين يحبونه و يتوكلون عليه.

 

..نبينا محمد (صلى الله عليه و سلم)

كان  زوجاً وفيًّا لزوجته خديجة (رضي الله عنها) تذرف دموعه بعد وفاتها و يذكرها بالخير حتى لقي ربَّه سبحانه و تعالى. كان أباً حزينًا موجوعًا توفّي أولادُه في حضنه. كان جَدًّا صاحبَ الوجه المنوّر يُطيل سجودَه من أجل أحفاده الذين يلعبون على أكتافه حتى ينتهوا من لعبهم. هو رسولُ الحب الذي يستقبل بناتِه واقفاً، والذي يضمّ أحفاده إلى صدره إذا رآهم عند باب المسجد، والذي يتعامل مع الأطفال اليتامى في المدينة بلطفٍ حتى أنهم لا يفتقدون آباءَهم.

 

حزن النبي (صلى الله عليه وسلم) حزناً شديداً لمّا توفّي أولاده عبدُ الله و القاسمُ فاصطبر على من قال له أن نسبه سينقطع و سيُنسى اسمُ محمد بن عبد الله.

بكى النبي (صلى الله عليه وسلم) من كل قلبه حين استشهد زيدُ بن حارثة الذي يحبه كما يحب أولادَه. توفّي أحفادُه و بناتُه أمام عيونه. حين حضر قبْض ابنِه الصغيرِ ابراهيمَ الذي يحبه حبًّا عميقًا نظر النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) الى جبل أحد فقال: " يا جبل! لو بك مثل ما بي لهدّك. ولكنا نقول كما أمرنا الله؛ إنا لله و إنا إليه راجعون. والحمد لله رب العالمين." هكذا عبّر عما في قلبه من الحزن. ولكنه لمْ يعصِ ربَّه أبدا و حاول أن يكون أشدّ قوةً و صموداً من جبل أحد.

 

أما الذين ينادونه بِ "يا أبتر!" دفنهم الزمانُ في مزبلة التاريخ. و أما نبيّنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي يحب ربَّه كل الحب لمْ ينسَه الزمانُ، صار يُذكر اسمهُ الى الان في كل الأماكن بأصوات الأذان.

 

يذكر النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) الذين يفقدون أولادَهم او أحبابَهم او ما يَربطهم بالحياة فيقولون كما قال: إنا لله و إنا إليه راجعون.

 

هو نبيُّنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي يبلّغ رسالات ربه الى الناس و يُبيّنها. هو الذي قال: " و أنا آخذٌ بحُجَزكم عن النار، و أنتم تَفلّتون من يَدِي" هو الذي ذرفت عيناه في الليالي وهو يدعو اللهَ ليغفر لمن رجَمه و كسر أسنانَه و عذّبه.

 

هوالذي من أنفسِنا نحن، هو الذي عزيزٌ عليه ما عنِتنا، هو الذي حريصٌ علينا، هو الذي رؤوفٌ  رحيمٌ بنا. هو الذي يعاملنا كأبٍ فلا يستغني عنا. هو الذي يحمل على أكتافه الَّلبِنةَ في بناء المساجد. هو الذي وضع الحجر على بطنه عند الجوع.

 

هو الذي نفسُه بيد الله سبحانه وتعالى، هو وحيُ اللهِ لنا الحيُّ الحقيقيُ. من أراد أن يحبَّه و يتّبعَه و يُدركَ دعوتَه فعليهِ معرفةُ حياته المباركة بشكل أجمل و أصح. السيرة النبوية هي علمٌ مباركٌ يُوصلنا إلى رحمة ربّنا سبحانه و تعالى و إلى شفاعةِ نبيّنا محمد (صلى الله عليه وسلم). كان التابعون الكرام يتعلمون حياةَ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) و أصحابِه كما يتعلمون القرآنَ الكريم و كانوا يُعلّمونها أولادَهم بدقّةٍ. و ذلك لأنه من لمْ يعرفْه و لمْ يعلمْ مكافحتَه يحرمْ من خيرٍ كثيرٍ.

 

و في صباح آخِر يوم للنبيّ (صلى الله عليه وسلم) قبل وفاته، قام النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) و كشف سترَ حجرة عائشة (رضي الله عنها) فنظر إلى أصحابه الذين يُؤدون صلاة الفجر. قيامُهم للصلاة و اهتمامُهم للجماعة رسَم على وجهه المبارك ابتسامةً جميلةً. فهذه الإبتسامة كانت آخِر لقطة للنبيّ (صلى الله عليه وسلم) في أذهان الصحابة الكرام (رضي الله عنهم أجمعين).

 أما هذا الموقع الألكتروني الذي سمّيناه بِ"السيرة النبوية" قمْنا بفتحه لنزيد من هذه الإبتسامة التي في وجهه المبارك ولو قليلا.

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.