قصة هجرة لم تكتمل خالد بن حزام رضي الله تعالى عنه

الكاتب: موتلو بينيجي

ترجمة: براء الهاشم

 

عندما حلّ الليل في كل مكان و وأوى الناس إلى نومهم كان خالد بن حزام رضي الله عنه  يستعد لمغادرة مكة ، حيث ولد وترعرع. لم يكن من السهل على الرجل أن يترك زوجته ، وأن يترك وراءه أحبابه وخلّانه، ولكن كان لا بد لخالد من الخروج.

 

لقد عانى وتعرض منذ اليوم الأول الذي أعلن نفسه فيه مسلماً أنه ليس لديه القوة لتحمل المزيد من الظلم. واجه خيارين: إما أن يستسلم لقمع أهل الشرك في مكة ويتخلى عن الإسلام ، أو يلجأ إلى ربه ويهاجر ، ويذهب إلى الحبشة

 

بمجرد أن هدأت الأمور وخيّم ظلام الليل ، تسلل من منزله وغادر مع بعض الأصدقاء. كان في الحبشة حاكم صالح لا يضطهد أحد عنده ولا يُظلم. سيبقى هناك لبعض الوقت ، ثم يعود إلى مكة ، المدينة التي ولد فيها الإيمان ، متى ما تسنّى له، ليكون عند حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم.

 

كان قد بدأ للتو في الطريق وشعر بألم الشوق وكُربة الغربة في قلبه. بقيت زوجته أم حبيب وابنته أم محسن في مكة واستسلمتا لإرادة ربهما. [1] من يدري ، ربما لن يراهم لسنوات ، ولن يتلقى خبراً واحداً منهم. ثم فكر في أخيه حكيم الذي لم يؤمن بعد ، لكنه كان رحيما جدا بالمسلمين، غنيّا سخيّاً يجود على الضعفاء بما يلزمهم (سيصبح فيما بعد مسلمًا). عندما تذكر شقيقه ، شعر بالراحة في قلبه. حكيم بن حزام ، الذي يحتضن الفقراء والأيتام ، الغرباء والوحيدين في مكة ، لن يترك أقاربه دون مساعدة ومعونة.

 

المرأة التي كانت تهتم بخالد كانت أمنا خديجة وزوجها الحبيب سيد العالمين صلى الله عليه وسلم.

 قلوبهم تضيق عند التفكير بمعاناتهم وتعذيبهم. ألم المصاعب يلازمهم، فلم يكونوا يفترون عن اللهج إلى الله تعالى بالدعاء والاستغاثة للنصر والفرج عن هذه الأمة. لم يكن أحد يشك في نصر الله، لكن على العبد أن يصبر ويصابر ويتخطى تلك الأعباء ليثبت لله صدقه وأهليته.

 

كم كانت تبعد الحبشة وأين كانت؟ لم يكن المسلمون على علم بما سيحل بهم في قادم الأيام ، كانوا متحيرين في الكيفية التي سيعيشون بها في مناطق بعيدة تاركين عائلاتهم في مكة. كانوا في طريق غامض بين الخوف والأمل.

 

أولاً ، سيذهبون إلى جدة ، إلى ميناء الصعيب ، ومن هناك سيعبرون البحر الأحمر بالقارب ويصلون إلى الساحل الأفريقي. بعد ذلك ، كانت تنتظرهم رحلة صعبة تمر عبر مملكة أكسوم. في غضون ذلك ، قام المشركون في مكة بتهيئة وحدة عسكرية وأرادوا الإمساك بالمسلمين قبل الصعود على متن السفينة ، وتقييدهم ، وإعادتهم إلى مكة. كانت الطريق طويلة ، وكانت الرحلة صعبة ومليئة بالمخاطر.

 

بعد كل هذه المخاوف والمخاطر والحزن والألم ، كان عزاء خالد الوحيد الزبير بن العوّام ، ابن عمه وصهره الذي كان ينتظره في الحبشة. سيجد خالد زبيراً وبقية إخوانه في الله وسيبقى معهم في الحبشة طالما أراد الله.

 

في ظلمة الليل و مع هبوب رياح الأمل ، بدأ يفكر في عالم جديد حيث يسود الأمن والأمان ويندفع الناس إلى الإسلام ، عالم جديد حيث تسود العدالة والأخوة تحت قيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

انتابه شعور بالأمل والسرور بعدما تفكّر فيما سيصل إليه الإسلام، وأسلم نفسه للنوم على هذه الأشجان المشاعر.

 

بينما كان ينام ويحلم برؤية الإسلام في أعلى عليين ، بدأ يشعر بألم عميق ، وجع مؤلم في جسده.

ماذا حصل؟ جاءت ثعبان ولدغت خالد بن حزام، فلم يلبث برهة من الزمن حتى قُبِضت روحه وانتهى حلم هجرته بدينه إلى الحبشة.(3)

 

لم يتمكن خالد من الوصول إلى الزبير في الحبشة [4] ، ولم يتمكن من رؤية أيام مجد الإسلام ، لكنه حقق السعادة الأبدية ، ونال رضا الله عز وجل ، وفاز بجنة الفردوس الأبدية، حيث أنزل الله تعالى فيه آية من كتابه العزيز:

 

"وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"(5)

 

رضي الله تعالى عن سيدنا خالد بن حزام وأسكنه فسيح جناته.

نسأل الله تعالى أن يجمعنا به في جنات عدن أُعدّت للمتقين. آمين

 


https://www.siyerinebi.com/tr/mutlu-binici/yarim-kalmis-bir-hicretin-hikayesi:انقر على رابط الترجمة التركية للمقال 


1- ابن حجر، الإصابة (الجزء الرابع، ترجمة 2679)

2- ابن عبدالبر، الاستيعاب (1/362). إن أردت الاستزادة عن سيرة  خالد بن حزام ارجع إلى: إبراهيم ساريجام، ترجمة خالد بن حزام DİA, XV, 187.

3- ابن سعد، الطبقات 4/119

4- ابن الأثير، أسد الغابة، 569/1 ولما بلغ الزبير بن العوام نبأ وفاة خاد ابن حزام قال: بينما كنتُ في الحبشة أنتظر مقدم خالد بن حزام إذ جاءني خبر وفاته، فلم أحزن كحزني ذلك اليوم على موته.

5- سورة النساء، الآية 100

Yeni yorum ekle

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.